لا شكّ في أنّك سمعت بعض الناس يصفون أنفسهم بـأصحاب "الأدمغة اليمنى" أو "الأدمغة اليسرى". وغالباً ما يتفاخر أصحاب الدماغ الأيسر بمهاراتهم المنهجية والتحليلية والمنطقية والعلمية وخصوصاً في الرياضيات، وفي المهارات التواصلية أيضاً. فيما يتباهى أصحاب الدماغ الايمن بقدراتهم الابداعية والفنية والموسيقية، وفي فهم الصور المرئية وتحليلها. إذ يعتبرون أن الدماغ مقسوم الى قسمين، ويقوم كلّ قسم بعمل مختلف تماماً عن القسم الآخر، ولكن العلم لا يؤيد هذه الفكرة أبداً.
وإن نظرية "وظيفة الدماغ المنقسم الى قسمين يؤدي كلّ قسم منها وظيفة مختلفة"، تعود الى عام 1960 والى العالم روجير سبيري الحائز على جائزة نوبل. فقد أجرى حينها أبحاثاً أظهرت أنّ كلّ قسم في الدماغ البشري يؤدي وظيفة مختلفة ويعمل بشكل مستقلّ وإنما بالتنسيق مع القسم الثاني. وقال سبيري أن قسمي الدماغ يتواصلان ويرسلان لبعضهما معلومات عبر الجسم الذي يربط بينهما. فيتحكّم الدماغ الأيمن بالعضلات اليسرى في جسم الانسان، فيما يتحكّم الدماغ الأيسر في العضلات اليمنى في جسم الانسان.
ولكن علماء اليوم إنتقدوا هذه النظرية، وقال باحثون في جامعة "يوتا" الذين درسوا عمل حوالى 1000 دماغ، أنّ الانسان يستخدم دماغه بكامله أي قسمي دماغه في الوقت عينه وبطريقة متساوية. وقال مدير قسم الأعصاب والمدير الرئيسي لهذه الأبحاث في جامعة "يوتا" الدكتور جيف أندرسون، أنّ "تفضيل الانسان قسم من دماغه على قسم آخر منه، هو أمر طبيعي، ولكن هذا لا يعني أنّ الكتاب والخطباء يستخدمون أدمغتهم اليسرى أكثر من اليمنى، أو أنّ أحد أقسام الدماغ أكثر ثراءً بالخلايا العصبية من القسم الآخر".
وأكّد أندرسون أن الاعتقاد القائل بأنّ الوظيفة التحليلية تقتصر على أحد أقسام الدماغ، فيما يتولى القسم الآخر الوظيفة الابداعية، هو إعتقاد خاطئ. وقال "إنّ تواصل قسمي الدماغ البشري يمكّن الانسان من أداء الوظيفتين الابداعية والتحليلية في آن".
